فصل: الحكم التّكليفي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الموسوعة الفقهية الكويتية ****


لُكْنة

التّعريف

1 - اللكنة في اللغة‏:‏ العِي‏,‏ وهو‏:‏ ثقل اللّسان‏,‏ ولَكَنَ لكناً‏:‏ صار كذلك فالذّكر ألكن‏,‏ والأنثى لكناء‏,‏ ويقال‏:‏ الألكن الّذي لا يفصح بالعربيّة‏.‏

ويؤخذ تعريف اللكنة عند الفقهاء من تعريفهم للألكن‏,‏ قال الزرقاني‏:‏ الألكن هو من لا يستطيع إخراج بعض الحروف من مخارجها سواء كان لا ينطق بالحرف البتّة أو ينطق به مغيّراً أو بزيادته أو تكراره‏,‏ والمالكيّة هم أكثر الفقهاء استعمالاً لهذا اللّفظ‏.‏

الألفاظ ذات الصّلة

أ - اللثغة‏:‏

2 - اللُثْغة - بضمّ اللام وسكون الثّاء - تحرك اللّسان من السّين إلى الثّاء‏,‏ ومن الرّاء إلى الغين ونحوه‏,‏ وعرّفها البعض بأنّها‏:‏ حبسة في اللّسان حتّى تغيّر الحروف‏.‏

واللكنة أعم من اللثغة لأنّها تشمل اللثغة وغيرها‏.‏

ب - التّمتمة‏:‏

3 - التّمتمة هي تكرار التّاء‏,‏ والتّمتام الّذي يكرّر التّاء‏.‏

واللكنة أعم من التّمتمة‏.‏

ج - الفأفأة‏:‏

4 - الفأفأة هي تكرار الفاء‏,‏ والفأفاء الّذي يكرّر الفاء واللكنة أعم من الفأفأة‏.‏

الأحكام المتعلّقة باللكنة

الاقتداء بالألكن في الصّلاة

5 - ذهب الشّافعيّة في الجديد وأكثر الحنابلة إلى أنّه لا يصح الاقتداء بألكن يترك حرفاً من حروف الفاتحة أو يبدّله بغيره‏,‏ وبهذا يقول الحنفيّة على المذهب إلا أنّهم لا يحصرون الحكم في الإخلال بحرف من الفاتحة أو إبداله بغيره‏,‏ بل يقولون بعدم جواز إمامة من لا يتكلّم ببعض الحروف‏,‏ سواء كانت من الفاتحة أو غيرها‏.‏

ويرى هؤُلاء الفقهاء أنّ الألكن إن تمكّن من إصلاح لسانه وترك الإصلاح والتّصحيح فصلاته في نفسه باطلة‏,‏ فلا يجوز الاقتداء به‏,‏ وإن لم يتمكّن من الإصلاح والتّصحيح‏:‏ بأن كان لسانه لا يطاوعه‏,‏ أو كان الوقت ضيّقاً ولم يتمكّن قبل ذلك فصلاته في نفسه صحيحة‏,‏ فإن اقتدى به من هو في مثل حاله صحّ اقتداؤُه لأنّه مثله فصلاته صحيحة‏.‏

وقد صرّح الشّافعيّة بأنّه لو كانت اللثغة يسيرةً‏,‏ بأن لم تمنع أصل مخرج الحرف وإن كان غير صافٍ لم تؤثّر‏,‏ وقواعد الحنفيّة لا تأبى هذا الحكم‏,‏ فقد سئل الخير الرّملي الحنفي عما إذا كانت اللثغة يسيرةً ‏؟‏ فأجاب بأنّه لم يرها لأئمّتنا‏,‏ وصرّح بها الشّافعيّة بأنّه لو كانت يسيرةً بأن يأتي بالحرف غير صافٍ لم تؤثّر‏,‏ قال‏:‏ وقواعدنا لا تأباه‏.‏

وفي الفتاوى الهنديّة‏:‏ وأمّا الّذي لا يقدر على إخراج الحروف إلا بالجهد ولم يكن له تمتمة أو فأفأة‏,‏ فإذا أخرج الحروف أخرجها على الصّحّة لا يكره أن يكون إماماً لغيره‏.‏

ويرى المالكيّة في المذهب وبعض الحنفيّة وأبو ثورٍ وعطاء وقتادة صحّة الاقتداء بالألكن‏,‏ وهذا ما اختاره المزني إلا أنّه قيّد صحّة الاقتداء به بأن لم يطاوعه لسانه‏,‏ أو طاوعه ولم يمض زمن يمكن فيه التّعلم‏,‏ وإلا فلا يصح الاقتداء به‏.‏

جاء في الشّرح الصّغير‏:‏ جاز إمامة ألكن‏,‏ وقال الحطّاب‏:‏ ظاهر كلام المصنّف - خليل - أنّ إمامته جائزة من غير كراهةٍ‏,‏ ويقول ابن رشدٍ بكراهة الائتمام بالألكن‏,‏ إلا أن لا يوجد من لا يرضى سواه‏.‏

قال الطّحطاوي من الحنفيّة نقلاً عن الخانيّة‏:‏ ذكر الشّيخ أبو بكرٍ محمّد بن الفضل‏:‏ تصح إمامته لغيره لأنّ ما يقوله صار لغةً له‏.‏

ويرى الشّافعيّة في القديم صحّة الاقتداء بالألكن في السّريّة دون الجهريّة‏,‏ بناءً على أنّ المأموم لا يقرأ في الجهريّة‏,‏ بل يتحمّل الإمام عنه فيها‏.‏

وظاهر كلام ابن البنّا من الحنابلة صحّة إمامة الألثغ - الألكن - مع الكراهة‏.‏

هذا حكم الاقتداء بالألكن الّذي يترك حرفاً من الحروف‏,‏ أو يبدّله بغيره‏,‏ أو لا يفصح ببعض الحروف‏.‏

6 - أما إذا كانت اللكنة متمثّلةً في عدم القدرة على التّلفظ بحرف من الحروف إلا بتكرار‏,‏ فقد اختلف الفقهاء في حكم الاقتداء بصاحب هذه اللكنة‏.‏

فقال الشّافعيّة والحنابلة‏:‏ تكره إمامة التّمتام والفأفاء وتصح الصّلاة خلفهما‏,‏ لأنّهما يأتيان بالحروف على الكمال‏,‏ ويزيدان زيادةً هما مغلوبان عليها فعفي عنها‏,‏ ويكره تقديمهما لهذه الزّيادة‏.‏

وصرّح الشّافعيّة بأنّه لا فرق بين أن يكون هذا التّكرار في الفاتحة أو غيرها‏.‏

ويرى الحنفيّة أنّ من لا يقدر على التّلفظ بحرف من الحروف إلا بتكرار فيتحتّم عليه بذل الجهد لإصلاح لسانه وتصحيحه‏,‏ فإن لم يبذل لا يؤُم إلا مثله‏,‏ ولا تصح صلاته إن أمكنه الاقتداء بمن يحسنه أو ترك جهده أو وجد قدر الفرض خالياً عن ذلك‏.‏

وعند المالكيّة جاز إمامة الألكن لسالم ولمثله‏,‏ وهو من لا يستطيع إخراج بعض الحروف من مخارجها‏,‏ سواء كان لا ينطق بالحرف ألبتّة‏,‏ أو ينطق به مغيّراً ولو بزيادته أو تكراره‏.‏

وللتّفصيل‏:‏ ‏(‏ر‏:‏ قراءة ف 9‏)‏‏.‏

لَمْز

التّعريف

1 - اللّمز في اللغة‏:‏ العيب في السّرّ‏,‏ وأصله الإشارة بالعين والرّأس والشّفة مع كلامٍ خفيٍّ‏.‏

وقيل‏:‏ هو العيب في الوجه والوقوع في النّاس‏,‏ يقال‏:‏ لمزه يلمزه من بابي ضرب وقتل‏:‏ عابه‏,‏ وقال اللّحياني‏:‏ الهمّاز واللّمّاز‏:‏ النّمّام‏,‏ ومنه قوله تعالى في التّنزيل‏:‏ ‏{‏الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ‏}‏ ولا يخرج معناه الاصطلاحي عن معناه اللغويّ‏.‏

الألفاظ ذات الصّلة

أ - الهمز‏:‏

2 - من معاني الهمز في اللغة‏:‏ الغمز والاغتياب‏,‏ يقال‏:‏ همزه همزاً‏:‏ غمزه‏,‏ ويقال‏:‏ همزه‏:‏ اغتابه وغضّ منه‏,‏ ومنه قوله تعالى في التّنزيل‏:‏ ‏{‏هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيمٍ‏}‏‏.‏

ولا يخرج المعنى الاصطلاحي عن المعنى اللغويّ‏.‏

قال الطّبريّ‏:‏ اللّمز باليد والعين واللّسان والإشارة‏,‏ والهمز لا يكون إلا باللّسان فاللّمز أعم من الهمز‏.‏

ب - الغمز‏:‏

3 - من معاني الغمز في اللغة‏:‏ الإشارة بالعين أو الجفن أو الحاجب‏,‏ يقال غمزه غمزاً - من باب ضرب - أشار إليه بعين أو حاجبٍ‏,‏ ومنه قوله تعالى في التّنزيل‏:‏ ‏{‏وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ‏}‏‏.‏

ولا يخرج المعنى الاصطلاحي عن المعنى اللغويّ‏.‏

والصّلة بين اللّمز والغمز‏:‏ أنّ اللّمز أعم من الغمز‏.‏

ج - الغيبة‏:‏

4 - الغِيبة - بكسر الغين - في اللغة اسم مأخوذ من اغتابه اغتياباً‏:‏ إذا ذكره بما يكره من العيوب وهو حق‏,‏ فإن كان ذلك باطلاً فهو الغيبة في بهتٍ‏.‏

ولا يخرج المعنى الاصطلاحي عن المعنى اللغويّ‏.‏

والغيبة أعم من اللّمز لأنّ اللّمز من أقسام الغيبة‏.‏

الحكم التّكليفي

5 - اللّمز من المحرّمات وكبائر الذنوب لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ‏}‏‏.‏

قال قتادة‏:‏ وذلك أنّ عبد الرّحمن بن عوفٍ تصدّق بنصف ماله وكان له ثمانية آلافٍ فتصدّق منها بأربعة آلافٍ فقال قوم‏:‏ ما أعظم رياءه فأنزل اللّه‏:‏ ‏{‏الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ‏}‏‏.‏

ولقوله تعالى‏:‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ََلا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ وَََلا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ وَََلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَََلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ‏}‏‏.‏

قال القرطبي في تفسير قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَََلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ‏}‏ وهذه الآية مثل قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ‏}‏ أي لا يقتل بعضكم بعضاً لأنّ المؤمنين كنفس واحدةٍ فكأنّه بقتل أخيه قاتل نفسه‏.‏

والمعنى‏:‏ لا يعب بعضكم بعضاً ، تنبيه على أنّ العاقل لا يعيب نفسه فلا ينبغي أن يعيب غيره‏,‏ لأنّه كنفسه‏.‏

وقد أورد ابن حجرٍ الهيتمي اللّمز باعتباره من كبائر الذنوب‏,‏ ثمّ قال‏:‏ وغاير بين صفتي‏:‏ تلمزوا وتنابزوا‏:‏ ‏{‏وَََلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَََلا تَنَابَزُوا‏}‏‏,‏ لأنّ الملموز قد لا يقدر في الحال على عيبٍ يلمز به لامزه فيحتاج إلى تتبع أحواله حتّى يظفر ببعض عيوبه بخلاف النّبز فإنّ من لقّب بما يكره قادر على تلقيب الآخر بنظير ذلك حالاً فوقع التّفاعل ثمّ قال‏:‏ ومعنى‏:‏ ‏{‏بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ‏}‏ أنّ من فعل إحدى الثّلاثة استحق اسم الفسق وهو غاية النّقص بعد أن كان كاملاً بالإيمان ، وضمّ تعالى إلى هذا الوعيد الشّديد في نفس الآية قوله ‏{‏وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ‏}‏ للإشارة إلى عظمة إثم كلّ واحدٍ من تلك الثّلاثة‏,‏ وقال‏:‏ وقدّمت السخريّة‏,‏ لأنّها أبلغ الثّلاثة في الأذيّة لاستدعائها تنقيص المرء في حضرته‏,‏ ثمّ اللّمز لأنّه العيب بما في الإنسان‏,‏ وهذا دون الأوّل ثمّ النّبز وهذا نداؤُه بلقبه وهو دون الثّاني إذ لا يلزم مطابقة معناه للقبه فقد يلقّب الحسن بالقبيح وعكسه‏.‏

لَمْس

التّعريف

1 - اللّمس لغةً‏:‏ الجس والإدراك بظاهر البشرة كالمسّ‏,‏ ويكنى به وبالملامسة عن الجماع‏,‏ وقرئ‏:‏ ‏{‏لاَمَسْتُمُ‏}‏ و ‏{‏لَمَسْتُمُ النِّسَاء‏}‏ حملاً على المسّ وعلى الجماع‏,‏ وقيل‏:‏ اللّمس‏:‏ المس باليد‏.‏

واللّمس اصطلاحاً هو‏:‏ ملاقاة جسمٍ لجسم لطلب معنىً فيه كحرارة أو برودة أو صلابةٍ أو رخاوةٍ أو علم حقيقةٍ‏,‏ كأن يلمس ليعلم هل هو آدمي أو لا‏.‏

الألفاظ ذات الصّلة

أ - المس‏:‏

2 - من معاني المسّ في اللغة‏:‏ اللّمس والجنون‏,‏ ويكنى به عن النّكاح‏.‏

والمس في الاصطلاح‏:‏ ملاقاة جسمٍ لآخر على أيّ وجهٍ كان‏.‏

والفرق بين اللّمس والمسّ‏:‏ أنّ المسّ التقاء الجسمين‏,‏ سواء كان لقصد معنىً أو لا‏,‏ واللّمس هو المس لطلب معنىً‏.‏

فاللّمس أخص من المسّ‏.‏

ب - المباشرة‏:‏

3 - المباشرة في اللغة‏:‏ الإفضاء بالبشرتين‏,‏ يقال‏:‏ باشر الرّجل زوجته‏:‏ تمتّع ببشرتها‏,‏ وباشر الأمر تولاه ببشرته وهي يده‏.‏

قال ابن منظورٍ‏:‏ مباشرة المرأة ملامستها‏,‏ وكنّى بها عن الجماع في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ‏}‏‏.‏

ولا يخرج المعنى الاصطلاحيّ لهذا اللّفظ عن معناه اللغويّ‏.‏

ويرادف اللّمس المباشرة في بعض إطلاقاتها‏.‏

الأحكام المتعلّقة باللّمس

لمس المرأة بالنّسبة لنقض الوضوء

4 - اختلف الفقهاء في حكم لمس المرأة بالنّسبة لنقض الوضوء‏:‏

فيرى الحنفيّة وأحمد في روايةٍ أنّ لمس الرّجل المرأة والمرأة الرّجل لا ينقض الوضوء‏,‏ وروي ذلك عن عليٍّ وابن عبّاسٍ وعطاءٍ وطاوسٍ والحسن ومسروقٍ‏.‏

ثمّ اختلف الحنفيّة في المباشرة الفاحشة وهو أن يباشر الرّجل المرأة بشهوة وينتشر لها وليس بينهما ثوب ولم ير بللاً‏,‏ فذهب أبو حنيفة وأبو يوسف إلى أنّه يكون حدثاً استحساناً‏,‏ والقياس أن لا يكون حدثاً وهو قول محمّدٍ‏,‏ وهل تشترط ملاقاة الفرجين وهي مماسّتهما ‏؟‏ على قولهما لا يشترط ذلك في ظاهر الرّواية وشرطه في النّوادر‏,‏ وذكر الكرخي ملاقاة الفرجين أيضاً‏.‏

وقال المالكيّة‏:‏ ينتقض الوضوء بلمس المتوضّئ البالغ لشخص يلتذ به عادةً من ذكرٍ أو أنثى ولو كان الملموس غير بالغٍ سواء أكان اللّمس لزوجته أو أجنبيّةٍ أو محرماً أم كان اللّمس لظفر أو شعرٍ أم من فوق حائلٍ كثوب‏,‏ وسواء أكان الحائل خفيفاً يحس اللامس معه بطراوة البدن أم كان كثيفاً‏,‏ وسواء أكان اللّمس بين الرّجال أم بين النّساء‏,‏ فاللّمس بلذّة ناقض‏.‏

والنّقض باللّمس مشروط بشروط ثلاثةٍ‏:‏

أن يكون اللامس بالغاً‏,‏ وأن يكون الملموس ممّن يشتهى عادةً‏,‏ وأن يقصد اللامس اللّذّة أو يجدها‏.‏

ولا ينقض الوضوء بلذّة من نظرٍ أو فكرٍ‏,‏ ولو حدث إنعاظ ما لم يمذ بالفعل‏,‏ ولا بلمس صغيرةٍ لا تشتهى أو بهيمةٍ أو رجلٍ ملتحٍ‏,‏ إذ الشّأن عدم التّلذذ به عادةً إذا كملت لحيته‏.‏ وذهب الشّافعيّة إلى أنّه إذا التقت بشرتا رجلٍ وامرأةٍ أجنبيّةٍ تشتهى‏,‏ انتقض وضوء اللامس منهما‏,‏ سواء كان اللامس الرّجل أو المرأة‏,‏ وسواء كان اللّمس بشهوة أم لا‏,‏ تعقبه لذّة أم لا‏,‏ وسواء قصد ذلك أم حصل سهواً أو اتّفاقاً‏,‏ وسواء استدام اللّمس أم فارق بمجرّد التقاء البشرتين‏,‏ وسواء لمس بعضو من أعضاء الطّهارة أو بغيره‏,‏ وسواء كان الملموس أو الملموس به صحيحاً أو أشلّ‏,‏ زائداً أو أصلياً‏,‏ فكل ذلك ينقض الوضوء‏,‏ وهل ينقض وضوء الملموس ‏؟‏ فيه قولان مشهوران‏,‏ وذكر الماورديّ والقاضي حسين والمتولّي وغيرهم أنّ القولين مبنيّان على القراءتين‏,‏ فمن قرأ‏:‏ ‏{‏لَمَسْتُمُ‏}‏ لم ينقض الملموس لأنّه لم يلمس‏,‏ ومن قرأ‏:‏ ‏{‏لاَمَسْتُمُ‏}‏ نقضه لأنّها مفاعلة‏,‏ واختلف في الأصحّ من القولين فصحّح الروياني والشّاشي عدم الانتقاض‏,‏ وصحّح الأكثرون الانتقاض‏.‏ والمشهور من مذهب أحمد أنّ لمس النّساء لشهوة ينقض الوضوء ولا ينقضه لغير شهوةٍ‏,‏ وهذا قول علقمة وأبي عبيدة والنّخعيّ والحكم وحمّادٍ والثّوريّ وإسحاق والشّعبيّ‏.‏

ولا ينقض مس الرّجل الطّفلة ولا المرأة الطّفل‏,‏ أي من دون سبعٍ‏.‏

ولا يختص اللّمس النّاقض باليد بل أي شيءٍ منه لاقى شيئاً من بشرتها مع الشّهوة انتقض وضوءه به سواء كان عضواً أصلياً أو زائداً‏.‏

ولا ينقض مس شعر المرأة ولا ظفرها ولا سنها ولا ينقض لمسها لشعره ولا سنّه ولا ظفره‏.‏

أثر لمس الفرج في انتقاض الوضوء

5 - لمس الفرج لا ينتقض به الوضوء عند الحنفيّة وينتقض به عند الجمهور‏,‏ وللتّفصيل‏:‏ ‏(‏ر‏:‏ فرج ف 40‏)‏‏.‏

لمس الحائض والنفساء والجنب للمصحف

6 - يحرم على المحدث والحائض والنفساء والجنب مس المصحف لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏لا يَمَسُّهُ إََِلا الْمُطَهَّرُونَ‏}‏‏,‏ ولقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم‏:‏ «لا يمس القرآن إلا طاهر»‏.‏ وللتّفصيل‏:‏ ‏(‏ر‏:‏ جنابة ف 10 وحدث ف 26‏,‏ ومصحف‏)‏‏.‏

مس الصّائم للمرأة

7 - يرى جمهور الفقهاء - الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة - أنّ الصّائم إذا تعمّد إنزال المنيّ باللّمس والتّقبيل ونحوهما فإنّه يوجب القضاء دون الكفّارة‏.‏

وعند المالكيّة يوجب القضاء والكفّارة عند حصول الإنزال‏.‏

والتّفصيل في‏:‏ ‏(‏صوم ف 41‏)‏‏.‏

لمس المحرم للمرأة وأثره على النسك

8 - إذا لمس المحرم المرأة بشهوة أو قبّل أو باشر بغير جماعٍ فيجب عليه الدّم‏,‏ سواء أنزل منياً أم لم ينزل‏,‏ ولا يفسد حجه اتّفاقاً بين الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة‏.‏

إلا أنّ الحنابلة قالوا إن أنزل وجب عليه بدنة‏.‏

وقال المالكيّة‏:‏ إن أنزل منياً فسد حجه‏,‏ وعليه ما على المجامع‏,‏ وإن لم ينزل فعليه بدنة‏.‏

وللتّفصيل‏:‏ ‏(‏ر‏:‏ إحرام ف 176‏)‏‏.‏

اللّمس بين الرّجل والمرأة للعلاج

9 - ذهب الفقهاء في الجملة إلى عدم جواز لمس الرّجل شيئاً من جسد المرأة الأجنبيّة الحيّة‏,‏ إلا أنّهم أجازوا للطّبيب المسلم إن لم توجد طبيبة أن يداوي المريضة الأجنبيّة المسلمة وينظر منها ويلمس ما تلجئ الحاجة إلى نظره ولمسه‏,‏ ويجيزون للطّبيبة أن تنظر وتلمس من المريض ما تدعو الحاجة الملجئة إلى نظره ولمسه إن لم يوجد طبيب يقوم بمداواة المريض‏.‏

وللتّفصيل‏:‏ ‏(‏ر‏:‏ عورة ف 15‏,‏ 18‏)‏‏.‏

قيام اللّمس مقام الرؤية في حصول العلم بالمبيع

10 - يرى الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة أنّه يحصل العلم بحقيقة المبيع باللّمس‏.‏

وذهب الشّافعيّة إلى أنّ كلّ عقدٍ يشترط فيه الرؤية لا يصح بدونها‏,‏ ويؤخذ من عباراتهم أنّهم لا يعتبرون اللّمس وسيلةً لحصول العلم بحقيقة المبيع‏.‏

أثر اللّمس في ثبوت حرمة المصاهرة

11 - اختلف الفقهاء فيما لو لمس الرّجل امرأةً بشهوة هل يحل له الزّواج بأصولها وفروعها ‏؟‏ يرى المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة في الجملة أنّ لمس أجنبيّةٍ سواء كان لشهوة أو لغيرها لا ينشر حرمة المصاهرة‏.‏

وذهب الحنفيّة إلى ثبوت حرمة المصاهرة باللّمس والتّقبيل والنّظر إلى الفرج بشهوة كما تثبت بالوطء‏.‏

ولا فرق عند الحنفيّة في ثبوت الحرمة باللّمس بين كونه عامداً أو ناسياً أو مكرهاً أو مخطئاً‏.‏

الرّجعة باللّمس

12 - ذهب الحنفيّة والمالكيّة إلى صحّة الرّجعة باللّمس بشهوة وسائر مقدّمات الجماع‏,‏ إلا أنّ المالكيّة يشترطون لصحّة الرّجعة أن ينوي الزّوج باللّمس الرّجعة‏.‏

ويرى الشّافعيّة والحنابلة في المذهب عدم صحّة الرّجعة باللّمس وبغيره من مقدّمات الجماع‏.‏

لمس الزّوج زوجته المظاهر منها

13 - ذهب الحنفيّة وأكثر المالكيّة وأحمد في إحدى الرّوايتين عنه إلى حرمة دواعي الجماع من تقبيلٍ أو لمسٍ أو مباشرةٍ فيما دون الفرج قبل التّكفير‏.‏

ويرى الشّافعيّة في الأظهر وبعض المالكيّة وأحمد في روايةٍ إباحة دواعي الوطء فلا يحرم عندهم لمس الزّوج زوجته المظاهر منها ولا تقبيلها ولا مباشرتها فيما دون الفرج‏.‏

وللتّفصيل‏:‏ ‏(‏ر‏:‏ ظهار ف 22‏)‏‏.‏

لَمَم

التّعريف

1 - من معاني اللّمم لغةً‏:‏ الجمع‏,‏ وصغار الذنوب‏,‏ ومقاربة الذّنب من غير إيقاع فعلٍ‏.‏ واللّمم في الاصطلاح‏:‏ ما دون الوطء من القبلة والغمزة والنّظرة والمضاجعة‏,‏ قاله ابن مسعودٍ وأبو سعيدٍ الخدري وحذيفة ومسروق‏.‏

وقال أبو هريرة وابن عبّاسٍ رضي الله عنهم والشّعبي‏:‏ اللّمم كل ما دون الزّنى‏,‏ وقال القرطبي‏:‏ اللّمم هي الصّغائر الّتي لا يسلم من الوقوع فيها إلا من عصمه اللّه وحفظه‏.‏

الألفاظ ذات الصّلة

أ - الكبائر‏:‏

2 - الكبائر جمع كبيرةٍ وهي في اللغة‏:‏ الإثم‏.‏

وفي الاصطلاح عرّفها الجرجاني بأنّها‏:‏ ما كان حراماً محضاً شرع عليها عقوبة محضة بنصّ قاطعٍ في الدنيا والآخرة‏.‏

وقيل‏:‏ إنّها ما يترتّب عليها حد أو توعّد عليها بالنّار أو اللّعنة أو الغضب‏,‏ قال شارح العقيدة الطّحاويّة‏:‏ وهذا أمثل الأقوال‏.‏

والكبائر ضد اللّمم‏.‏

ب - الصّغائر‏:‏

3 - الصّغائر لغةً‏:‏ من صغر الشّيء فهو صغير وجمعه صغار‏,‏ والصّغيرة صفة‏,‏ وجمعها صغار أيضاً‏,‏ ولا تجمع على صغائر إلا في الذنوب والآثام‏.‏

وأمّا في الاصطلاح فقد عرّفها البعض بأنّها‏:‏ كل ذنبٍ لم يختم بلعنة أو غضبٍ أو نارٍ‏.‏

وقيل‏:‏ الصّغيرة ما دون الحدّين‏:‏ حدّ الدنيا وحدّ الآخرة‏.‏

والصّلة بين الصّغائر واللّمم التّساوي‏.‏

ج - المعصية‏:‏

4 - المعصية أو العصيان في اللغة‏:‏ الخروج عن الطّاعة‏.‏

ولا يخرج المعنى الاصطلاحي لهذا اللّفظ عن معناه اللغويّ‏.‏

والمعصية أعم من اللّمم‏.‏

الحكم الإجمالي

5 - اللّمم بمعنى الصّغائر من الذنوب لا يقدح العدالة إلا مع الإصرار‏,‏ لأنّ التّحرز منها غير ممكنٍ‏.‏

قال القرافي‏:‏ الصّغيرة لا تقدح في العدالة ولا توجب فسوقاً إلا أن يصرّ عليه‏.‏

وقال الغزالي‏:‏ لا يخلو الإنسان عن غيبةٍ وكذبٍ ونميمةٍ ولعنٍ وسفاهةٍ في غضبٍ فلا ترد شهادته بسببها إلا عند الإصرار‏.‏

وحد الإصرار كما قال ابن عابدين نقلاً عن ابن نجيمٍ‏:‏ أن تتكرّر منه الصّغيرة تكراراً يشعر بقلّة المبالاة بدينه‏,‏ ومقتضاه أنّه غير مقدّرٍ بعدد‏,‏ بل مفوّض إلى الرّأي والعرف‏,‏ والظّاهر أنّه لا يكون بمرّتين إصرار‏.‏

والتّفصيل في‏:‏ ‏(‏إصرار ف 2‏,‏ وكبائر وصغائر ف 4‏)‏‏.‏

لَهْو

التّعريف

1 - اللّهو في اللغة‏:‏ كل باطلٍ ألهى عن الخير وعمّا يعني‏.‏

وقال الطرطوشي‏:‏ أصل اللّهو‏:‏ التّرويح عن النّفس بما لا تقتضيه الحكمة‏.‏

وقال القرطبي‏:‏ وقد يكنى باللّهو عن الجماع‏,‏ وإنّما سمّي الجماع لهواً لأنّه ملهٍ للقلب‏.‏

ولا يخرج استعمال الفقهاء لهذا اللّفظ عن المعنى اللغويّ في الغالب وهو كل ما يتلذّذ به الإنسان فيلهيه ثمّ ينقضي‏.‏

الألفاظ ذات الصّلة

اللّعب‏:‏

2 - من معاني اللّعب في اللغة‏:‏ طلب الفرح بما لا يحسن أن يطلب به‏.‏

وفي الاصطلاح قال البركتي‏:‏ اللّعب هو فعل الصّبيان يعقبه التّعب من غير فائدةٍ‏.‏

واللّهو أعم من اللّعب‏.‏

الأحكام المتعلّقة باللّهو

أ - اللّهو بمعنى اللّعب‏:‏

3 - الأصل في هذه المسألة هو قول النّبيّ صلى الله عليه وسلم‏:‏ «كل شيءٍ يلهو به ابن آدم فهو باطل إلا ثلاثاً‏:‏ رميه عن قوسه ، وتأديبه فرسه ، وملاعبته أهله»‏,‏ وذلك لأنّه أفاد أنّ كلّ ما تلهّى به الإنسان ممّا لا يفيد في العاجل والآجل فائدةً دينيّةً فهو باطل والاعتراض فيه متعيّن‏,‏ إلا هذه الأمور الثّلاثة فإنّه وإن فعلها على أنّه يتلهّى بها ويستأنس وينشط فإنّها حق لاتّصالها بما قد يفيد‏,‏ فإنّ الرّمي بالقوس وتأديب الفرس فيهما عون على القتال‏,‏ وملاعبته المرأة قد تفضي إلى ما يكون عنه ولد يوحّد اللّه ويعبده‏,‏ فلهذا كانت هذه الثّلاثة من الحقّ وما عداها من الباطل‏.‏

قال الخطّابي‏:‏ في هذا بيان أنّ جميع أنواع اللّهو محظورة‏,‏ وإنّما استثنى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم هذه الخلال من جملة ما حرّم منها‏,‏ لأنّ كلّ واحدةٍ منها إذا تأمّلتها وجدتها معينةً على حقٍّ أو ذريعةً إليه‏,‏ ويدخل في معناها ما كان من المثاقفة بالسّلاح والشّدّ على الأقدام ونحوهما ممّا يرتاض به الإنسان‏,‏ فيتوقّح بذلك بدنه ويتقوّى به على مجالدة العدوّ‏.‏ فأمّا سائر ما يتلهّى به البطّالون من أنواع اللّهو كالنّرد والشّطرنج والمزاجلة بالحمام وسائر ضروب اللّعب ممّا لا يستعان به في حقٍّ‏,‏ ولا يستجم به لدرك واجبٍ فمحظور كله‏.‏ والتّفاصيل في مصطلح‏:‏ ‏(‏لعب ف 3 وما بعدها‏)‏‏.‏

ب - اللّهو بمعنى الغناء‏:‏

4 - ذهب الفقهاء إلى حرمة الغناء إذا كان بشعر يشبّب فيه بذكر النّساء ووصف محاسنهنّ وذكر الخمور والمحرّمات لأنّه اللّهو والغناء المذموم بالاتّفاق‏.‏

وأمّا إذا سلم الغناء من الفتنة والملامة فأباحه بعض الفقهاء وكرهه الآخرون وقال جماعة بحرمته‏.‏

وللتّفصيل‏:‏ ‏(‏ر‏:‏ استماع ف 15 - 22‏,‏ وغناء ف 5‏)‏‏.‏

ضرب الملاهي

5 - ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ الضّرب بآلات اللّهو ذوات الأوتار - كالرّبابة والعود والقانون - وسماعه حرام‏.‏

قال ابن حجرٍ الهيتمي‏:‏ الأوتار والمعازف كالطنبور والعود والصّنج - أي ذي الأوتار - والرّباب والجنك والكمنجة والسّنطير والدّرّيج وغير ذلك من الآلات المشهورة عند أهل اللّهو والسّفاهة والفسوق هذه كلها محرّمة بلا خلافٍ‏.‏

وقال القرطبي‏:‏ أما المزامير والأوتار والكوبة فلا يختلف في تحريم استماعها ولم أسمع عن أحدٍ ممّن يعتبر قوله من السّلف وأئمّة الخلف من يبيح ذلك‏,‏ وكيف لا يحرم وهو شعار أهل الخمور والفسوق ومهيّج الشّهوات والفساد والمجون‏,‏ وما كان كذلك لم يشكّ في تحريمه ولا في تفسيق فاعله وتأثيمه‏.‏

وللتّفصيل فيما يحل وما يحرم من الملاهي‏:‏ ‏(‏ر‏:‏ معازف‏,‏ واستماع ف 26 - 30‏)‏‏.‏

لِواط

التّعريف

1 - اللّواط لغةً‏:‏ مصدر لاط‏,‏ يقال‏:‏ لاط الرّجل ولاَوَط‏:‏ أي عمل عمل قوم لوطٍ‏.‏ واصطلاحاً‏:‏ إيلاج ذكرٍ في دبر ذكرٍ أو أنثى‏.‏

الألفاظ ذات الصّلة

الزّنا‏:‏

2 - الزّنا في اللغة‏:‏ الفجور‏.‏

وفي الاصطلاح عرّفه الفقهاء بتعريفات مختلفةٍ‏,‏ منها تعريف الحنفيّة للزّنا بالمعنى الأعمّ وهو يشمل ما يوجب الحدّ وما لا يوجبه بأنّه‏:‏ وطء الرّجل المرأة في القبل في غير الملك وشبهته‏.‏

وعرّفه الشّافعيّة بأنّه‏:‏ إيلاج الذّكر بفرج محرّمٍ لعينه خالٍ عن الشبهة مشتهًى طبعاً‏.‏

ويتّفق اللّواط والزّنا في أنّ كلاً منهما وطء محرّم‏,‏ لكن اللّواط وطء في الدبر‏,‏ والزّنا وطء في القبل‏.‏

الحكم التّكليفي

3 - اتّفق الفقهاء على أنّ اللّواط محرّم لأنّه من أغلظ الفواحش‏.‏

وقد ذمّه اللّه تعالى في كتابه الكريم وعاب على فعله فقال تعالى‏:‏ ‏{‏وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ ، إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ‏}‏‏.‏

وقال تعالى‏:‏ ‏{‏أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ ، وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ‏}‏‏.‏

وقد ذمّه الرّسول صلى الله عليه وسلم بقوله‏:‏ «لعن اللّه من عمل عمل قوم لوطٍ ، ولعن اللّه من عمل عمل قوم لوطٍ ولعن اللّه من عمل عمل قوم لوطٍ»‏.‏

عقوبة اللائط

4 - ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ عقوبة اللائط هي عقوبة الزّاني‏,‏ فيرجم المحصن ويجلد غيره ويغرّب لأنّه زنا بدليل قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً‏}‏‏,‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ‏}‏‏,‏ وعن أبي موسى أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ «إذا أتى الرّجل الرّجل فهما زانيان»‏.‏

5 - هذا في الجملة‏,‏ ولجمهور الفقهاء ولمخالفيهم في هذا الحكم تفصيل‏:‏

فذهب أبو حنيفة إلى أنّه لا يجب الحد لوطء امرأةٍ أجنبيّةٍ في غير قبلها ولا باللّواطة بل يعزّر‏.‏

وقال أبو يوسف ومحمّد‏:‏ اللّواط كالزّنا فيحد جلداً إن لم يكن أحصن ورجماً إن أحصن‏.‏ ومن تكرّر اللّواط منه يقتل على المفتى به عند الحنفيّة‏.‏

ومن فعل اللّواط في عبده أو أمته أو منكوحته لا يجب عليه الحد باتّفاق الحنفيّة وإنّما يعزّر لارتكابه المحظور‏.‏

وذهب المالكيّة إلى أنّ من فعل فعل قوم لوطٍ رجم الفاعل والمفعول به‏,‏ سواء كانا محصنين أو غير محصنين‏,‏ وإنّما يشترط التّكليف فيهما‏,‏ ولا يشترط الإسلام ولا الحرّيّة‏.‏

وأمّا إتيان الرّجل حليلته من زوجةٍ أو أمةٍ فلا حدّ بل يؤدّب‏.‏

والمذهب عند الشّافعيّة أنّه يجب باللّواط حد الزّنا‏,‏ وفي قولٍ يقتل الفاعل محصناً كان أو غيره لحديث ابن عبّاسٍ رضي الله عنهما‏:‏ «من وجدتموه يعمل عمل قوم لوطٍ فاقتلوا الفاعل والمفعول به»‏.‏

وقيل‏:‏ إنّ واجبه التّعزير فقط كإتيان البهيمة‏.‏

وشمل ذلك دبر عبده وهو المذهب‏.‏

هذا حكم الفاعل‏.‏

وأمّا المفعول به فإن كان صغيراً أو مجنوناً أو مكرهاً فلا حدّ عليه‏,‏ وإن كان مكلّفاً مختاراً جلد وغرّب محصناً كان أو غيره سواء أكان رجلاً أم امرأةً لأنّ المحلّ لا يتصوّر فيه الإحصان‏,‏ وقيل ترجم المرأة المحصنة‏.‏

وأمّا وطء زوجته أو أمته في دبرها فالمذهب أنّ واجبه التّعزير إن تكرّر منه الفعل‏,‏ فإن لم يتكرّر فلا تعزير كما ذكره البغوي والروياني‏,‏ والزّوجة والأمة في التّعزير مثله سواءً‏.‏ وذهب الحنابلة إلى أنّ حدّ اللّواط الفاعل والمفعول به كزانٍ‏,‏ لحديث ابن عبّاسٍ رضي الله عنهما السّابق‏,‏ ولأنّه فرج مقصود بالاستمتاع فوجب فيه الحد كفرج المرأة‏,‏ ولا فرق بين أن يكون اللّواط في مملوكه أو أجنبيٍّ لأنّ الذّكر ليس محلاً للوطء‏,‏ فلا يؤثّر ملكه له‏,‏ أو في دبر أجنبيّةٍ لأنّه فرج أصلي كالقبل‏,‏ فإن وطئ زوجته في دبرها أو وطئ مملوكته في دبرها فهو محرّم ولا حدّ فيه لأنّها محل للوطء في الجملة بل يعزّر لارتكاب معصيةٍ‏.‏

ما يثبت به اللّواط

6 - يثبت اللّواط بالإقرار أو الشّهادة‏.‏

وأمّا عدد الشهود‏,‏ فقد قال جمهور الفقهاء ينبغي أن يكون عددهم بعدد شهود الزّنا أي أربعة رجالٍ‏.‏

القذف باللّواط

7 - ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّه إذا قال رجل لرجل‏:‏ إنّه عمل عمل قوم لوطٍ فإنّ ذلك يعد قذفاً‏,‏ وعليه حد القذف‏.‏

والتّفصيل في مصطلح‏:‏ ‏(‏قذف ف 11‏)‏‏.‏